رسالة الأصدقاء عيد ملاد ٢٠١٣

رسالة الأصدقاء عيد ملاد ٢٠١٣

 


 

رسالة الأصدقاء عيد ملاد ٢٠١٣

الأخت هدى فضول

في كل مرة أحاول أن أبدأ كتابة هذه السطور لكم يا أصدقاءنا الأعزاء أجد نفسي مرتبكة فالكلمات تخونني ولا تسعفني لأنقل ما يختلج قلبي من مرارة وما يعتري ذهني من تشويش بسبب الألم والحزن الناتجين عما نعيشه في بلدنا الحبيب سوريا فحبّ الوطن هو حبّ كبير وعميق فيّ وهذا يفتح جرحاً عميقاً في صدري ولا أجد له مخرجاً إلا بالصلاة كما يفعل الكثيرون من أبناء وطننا هذه الأيام.

الصلاة قد يعرّفها البعض كفن من الفنون التي نمارسها أمام الله فنحن نختار الكلمات والعبارات المحببة له محاولين إرضاءه و التقرب منه، أو كلقاء حميمي نعيشه مع من نحب أو كعلاقة عميقة تأخذ منّا اللّب وهناك آخرين قد يعيشونها كوقفة أمام الله لتسبيحه وحمده وشكره على نعمه،أو ربما يجدون تعابير أخرى ليعّبروا فيها عن هذه الخبرة معه أو تعاريف متنوعة لها، وهذا كله يمكن أن يكون صحيحًا. لكني أجد في هذه الأيام الصلاة حوار بيننا وبين الله تكثر فيه تساؤلاتنا وطلباتنا ورجاؤنا ونود أن تكون مستجابة بسرعة وملبّية لحاجاتنا ومعطية السلام والمصالحة والغفران لكافة أبناء بلدنا وللعالم أجمع. إننا ننضم في ذلك إلىموقف خليفة القديس بطرس،البابا فرنسيس،هذا البابا المتواضع المحب للفقير والقريب من المتألم، المتضامن مع معاناة أبناء شعبنا.

إذا الصلاة حوار لكنها ليست أي حوار. فعالمنا اليوم في كل مكان يتكلم عن الحوار وعلى مستويات عدّة ونحن كبشر بحاجة للحوار كوسيلة للتواصل ولتجاوز العقبات التي تواجهنا في الحياة المشتركة معاً على هذا الكوكب. لكن الحوار مع الله مختلف، فأنت من ناحية تحاور من يحبك ويفهمك ومن ناحية أخرى لا يتم ذلك في نطاق خارجي عنك، كما هو مألوف،وإنما هو غوص نحو الأعماق، أعماقك حيث تجد الله ينتظرك ليلتقي بك وهنا يكمن الفرق الجوهري عن أي حوار آخر على أي مستوى و ضمن أي علاقة وفي أي مجال.

إننا نفهم الحوار كوسيلة هادفة لفتح مجال للفهم و لتبادل الأفكار وهذا صحيح و لكن في حالتنا هذه بما أننا نتحاور مع الله مع من نحبه ومتأكدون من محبته لنا، يأخذ الحوار هنا منحاً آخر فهو ليس هدف بحد ذاته، لكنه مصطلح، كلمة نقولها لنعّبر عما يجري بيننا و بين الله.إنها محاولة صعبة لشرح ما نعيشه في لحظات الصلاة فالكلمات عاجزة غالباً عن أن تصف ما يدور في أعماقنا و ما يحرك مشاعرنا.في حوار بين حبيبين يحاول كل منها أن يشرح بكلماته ما يجول في خاطره أما مع الله فلا داعي للبحث عن الكلمات فهو الحِبّ الأعرفُ منك بذاتك، وهو الذي يضع في فمك كلماته لتعبر فيها عمّا فيك وتحمّلها ما يجيش في صدرك من فرح أو،كما في هذه اللحظات، من كآبة وأسى لما يجري في بلدنا الحبيب الجريح. بما أن الله يعرفنا فهو يأتي لمساعدتنا مستجيباً لدعائنا البسيط العميق الصادق. وحتى لو لم يكن كذلك عندما تغلب في صلاتنا اللعنات على من لا نحبهم، هذه التي تجرح الله،فيحولها هو بقدرة حبّه خيراً وسلاماً، مصغياً للجانب الإيجابي فيها بما يحمله من مشاعر الخير والتوفيق والمحبة، متجاوزًا مشاعر الانغلاق والانزعاج التي تتمنى هلاك الآخر. إن هذا الموقف الأخير في جوهره غير مسيحي وغير مرضٍ لله.إنه يريدنا أن نرى دائماً في الآخر، مهما كثُرت عيوبه وأخطاؤه، الخير الذي وضعه هو فيه راجين أن يلمس قلبه و يغيره.

يرد في صلاتنا دوماً سؤال من أعماق حزننا:أين هو الله من كل ما يحصل حولنا؟ هل غاب فعلاً عنّا؟ أم قرر أن يتخذ له مكاناً محايداً في عليائه و يقف متفرّجاً علينا؟ ننسى أن الله هو الذي بادر بمحبتنا و بإقامة علاقة معنا ومن غير الممكن أن يتركنا هو الذي قال:(لا تخف أيها القطيع الصغير)(لوقا 12/32).إنه يريدنا أن نكون أشخاصاً مسؤولين وواعين لدور كلِّ منا فيما دعانا إليه. وإننا على يقين أنه يعمل ويدبر الأمور كما يراها ممكنة ومناسبة وبطريقة لا تلغي مسؤولية الإنسان لا بل تحترمها وتفعّلها في سبيل الخير العام.

في أوقاتنا الصعبة هذه نكتشف من جديد فعالية الصلاة كطريقة وحيدة للخروج من مشاعرنا السلبية ومن خوفنا على وجودنا وعلى مستقبلنا، ملتجئين إلى الله سندنا وعوننا لتجاوز المحن ولعيش الرجاء المدعوين له بحق كوننا تلاميذ عيسى ابن مريم دعانا لنكون علامة رجاء لمن حولنا.


 

الجماعة في الدير وفي القريتين:

لقد ودّعنا بكل أسىً مطران الدير سيدنا مار تيوفيلوس جرجس كساب رحمه الله الذي فارقنا إلى "فَرَح سيده" بعد أن أمضى فترة طويلة ومضنية من المرض. لقد كان لنا خير صديق في الأوقات الصعبة، إلى جانب الأب والراعي، فهو الذي أنعم الله علينا عن يده بتوقيع قوانين رهبانيتنا وتثبيتها والاعتراف بموهبتها في ٢٧ آب ٢٠١١، عيد مار موسى الحبشي،مانحًا إياها بركاته الرسولية.وإننا واثقون أنه مستمر بالصلاة من أجلنا في السماء. نطلب التوفيق للأب فيليب بركات في مهمته كمدبر بطريريكي ريثما يتم انتخاب مطران جديد وعلى هذه النية نصلي.

إننا في حزن وقلق شديدين فيما يخص مصير مؤسس الدير إذ ليس لدينا أي خبر مؤكد عنه بعد اختفائه، إلا أننا في صلاة دائمة لأجل سلامته. إننا نتمنى أن تنتهي مأساة كل شخص مفقود أو مخطوف ونفكر ونصلي باستمرار لأجل المطرانين والكهنة المخطوفين ولأجل كل المساجين والرهائن، كل من غاب عن أهله ولا يُعرف مصيرُه.

مازال الجو في الدير هذه السنة كما كان في السنة الماضية، فلا حجاج يأتون ولا زوار يزورون بسبب الوضع الراهن. أوقات الصمت كثيرة وعميقة تدعو إلى الصلاة والتأمل في عظمة الخالق ونحن نحاول أن نستفيد من هذه الأوقات لأجل نمونا الروحي قدر الإمكان. إلا أننا نود لو يشاركنا هذه الأوقات كل أصدقائنا لا بل كل من يحب الصمت والتأمل ويبحث عنهما. بالطبع عندما كان الدير يعج بالناس لم يكن هناك إلا ساعة التأمل المسائي نعيش فيها الصمت، ولكننا سنعمل على خلق جو من الصمت الحي عندما تعود "العجقة المباركة" إن شاء الله. صحيح أننا لا نستقبل زوارًا ولا نقيم ندوات أو أي نوع آخر من النشاطات الدينية أو الاجتماعيةالثقافية إلا أننا باقون بعونه تعالى،حبًا به وتضامنًا مع أبناء كنائسنا ومع إخوتنا المسلمين والمسلمات في هذا الشرق الحبيب، فنحن نقرأ استمرارية وجودنا على ضوء الرجاء بمستقبل يتعانق فيه الحق والبر.

يكرس الراهب يعقوب (جاك) كل وقته وكل جهده في القريتين لأجل استقبال العائلات اللاجئة التي أتت لدير مار إليان الشيخ طلباً للمأوى وللحماية. لقد تجاوز عدد اللاجئين الذين قصدوا الدير من أهل القريتين، وأغلبيتهم الساحقة من المسلمين، الخمسة آلاف في الأشهر الفائتة، أكثرهم من النساء والأطفال، ولم يخلُ الأمر من وجود الكثير من الرجال والعجزة. إنه الآن في وقت كتابة هذه السطور يستقبل بضع مئات من اللاجئين من القرى المجاورة جميعهم مسلمون (٥٧ عائلة، ٤٥٠ شخص بينهم ٩٦ أطفال تحت العشر سنوات). إن الوضع الأمني في القريتين مستتب الآن فالمدينة هادئة وشبه مستقرة، إلا أن القرى المجاورة مازالت تعاني. لقد كان ممكنا مساعدة هؤلاء بفضل تضامنكم وتبرعاتكم ونحن مازلنا بحاجة للمساعدة لأن هؤلاء المنكوبين قد خسروا بيوتهم التي نُهبت وأحرقت، قراهم التي دمرت وخربت فيها البنى التحتية وشكبات الكهرباء ... إنهم بدون مكان يعودون إليه. «هنا فقط بعيشي اليومي مع المشردين، باللعب مع أطفالهم ـ يقول الأب جاك ـ فهمت نذر الفقر الرهباني الذي نذرته. فهمت ماذا يعني أن ابن الله قد تنازل عن كل شيء وتجسد من عذراء فقيرة ليصبح ابن الإنسان».

لقد خف العبء على جاك الذي كان يأتي أسبوعيأ من القريتين وبكل حبّ لأجل خدمة القداس في دير مار موسى، لأنه لم يعد مضطرًا لذلك بسبب حضور الراهب جهاد الذي أنهى دراسته التخصصية في الكتاب المقدس في المعهد الحبري للدراسات الكتابية في روما إن وجوده بيننا نعمة كبيرة حيث أننا نستمتع بالقداديس اليومية وبالقداس الاحتفالي صباح الأحد كمحور لحياة الجماعة

لا تخفيكم الراهبة هدى سراً، أيها الأعزاء، فمهمتها كمسؤولة عن الجماعة لم تكن سهلة كما يمكنكم أن تتوقعوا، فقد احتكت مرات كثيرة بضعفها وشعرت بثقل كبير إلا أنها تقول: "إن الله كان لي دائماً العون والصديق فهو يعرفني ويأتي دائماً في اللحظة المناسبة ليسندني". كما أنها تؤكد أن وجود إخوتها الرهبان ومحبتهم لها خفف عنها وعّزى قلبها. بالإضافة إلى وجود الأصدقاء الذين لم يتركوا فرصة إلا وعبروا عن محبتهم وتضامنهم معنا، قبل كل شيء بصلواتهم، التي ما انفكت تعطينا الدافع للاستمرار والمضي قدماً.

الراهب بطرس مع عشقه الكبير لزراعة الأشجار لم يترك ولا "جورة" في الجبل أو الوادي إلا ووصلت إليها يده ليزرعها معطياً رونقاً جميلاً للمكان ومستفيداً من الزراعة كفرصة لعيش دعوتنا في العمل اليدوي إلى جانب اهتمامه بتربية الدجاج. ولم يكن الراهب يوسف المعلولي أقل قدراً منه في ذلك حيث قام بزراعة بعض الخضار على سبيل التجربة في منطقة السد الناشف ذو التراب الخصب فكانت النوعية ممتازة رغم رمزية الإنتاج. يهتم يوسف أيضًا بصناعة الشموع فنحن لم نعد نشتري الشموع للكنيسة من السوق لا هنا ولا في القريتين. لقد ساعد يوسف جاك في القريتين على فلاحة بساتين الدير بواسطة آلة فلاحة نصف آلية.

لقد غادرتنا الراهبة ديمة إلى روما لتكمل سنتها الثانية من الاختصاص في دراسة اللاهوت العقائدي بعد أن أمضينا معاً فترات مشتركة من الصلاة والعمل واللقاءات الجماعية التي تزيدنا معرفة لبعضنا البعض و تعطينا تعمقاً في دعوتنا.

أما عن المبتدئة كارول فهي الآن في روما لتنهي سنتها الدراسية الأخيرة في المعهد الحبري للدراسات العربية والإسلاميات. إن هذه الأخت تتجه بخطىً ثابتة نحو نذورها المؤبدة التي استحقت، إلا أن الموعد لم يحدد بعد، فهو يتراوح بين الربيع القادم وبداية الخريف المقبل إن شاء الله.

بالنسبة للمبتدئ جورج فقد مرّت عليه فترات صعبة جداً اضطر خلالها أن يترك الدير لوقت طويل حيث مكث إلى جانب جده وجدته وأمه في مرضهم وقد فقدهم جميعًا الواحد بعد الآخر في أقل من ثلاثة أشهر وقد كانت أمه ما تزال في منتصف عمرها، رحمهم الله. لقد كان جورج متماسكاً متكلاً على الله متفانيًا في خدمة أهله بكل أمانة. إنه يحاول الآن إنهاء الأمور المتعلقة بالعائلة في دمشق ليعود بعدها إلى الدير.

أما عن المبتدئ نبيل فقد أصبح صديقًا لكل الأبواب والسقوف في الدير فقد حولها بعمل يديه من سقوف قديمة قذرة إلى سقوف نظيفة جميلة ذات طابع أثري. إن سخاء هذا الأخ في العمل اليدوي يشكل حافزًا لجميعنا للالتزام بالأعمال التي نستطيع القيام بها كل على قدر طاقته. لقد قام نبيل أيضا بالعمل في دير مار إليان لمدة طويلة على زيارات متقطعة ساعد فيها جاك في صناعة أحجار اللُّبن وتنظيف سقف مقام مار إليان.

آخر المطاف لا بد من أن نحدثكم عن يوسف بالي (يويو) الذي احتفل معنا بعيد ميلاده الواحد والخمسين نهاية الشهر العاشر الماضي مع قالبين من الحلوى أحدهما مع شوكولا والآخر بدون،فهو لا يأكل الشوكولا. إنها سنته السابعة في الدير وهو كما تعلمون ليس براهبٍ لكنه يعيش حياة الرهبان دون نذور، في الصلاة والتأمل والعمل اليدوي. يساعد هذا الأخ العزيز بنشاط في أعمال الدير على حسب استطاعته وهو صديق الجميع ونشكر الله على وجوده.

إن الحضور المستمر لطاقم العمال والموظفين، من مسلمين ومسيحيين، في الدير دعمٌ كبيرٌ للجماعة خاصة عندما يكون عددها قليلاً. يشكل هؤلاء الإخوة مع عائلاتهم -خاصة من رعايانا في النبك الإطار الأكبر لجماعتنا ومحيطها الحيوي المباشر. إننا نشكرهم جميعًا سواء الملتزمين معنا بشكل دائم أو أولئك الذين يعملون معنا بشكل موسمي.

الجماعة في السليمانية

بالنسبة للراهب ينس فهو يمارس وبكل سخاء دعوته الكهنوتية في السليمانية ضمن الرعية ويهتم بشبيبتها.لقد أقامت الجماعة الرهبانية هناك مخيمًا صيفيًا شهر آب الماضي لمجموع من الشبيبة المسيحية من مختلف أنحاء العراق، وقد تكلل بالنجاح، مما يشجع الجماعة على إعادة التجربة من جديد إن شاء الله.

تقضي المبتدئة فريديريكة سنتها الثانية للابتداء في السليمانية حيث تساعد في إعداد الدير الجديد وتدرس اللغة العربية.إننا نفكر دائمًا بأمها الكبيرة السن التي تعيش وحدها في ألمانيا.أما المبتدئ سيباستيان فهو يدرس الآن سنته الثانية في إكليريكية عين كاوة ويحاول من خلال ذلك أن يقوي روابط الصداقة مع الكنيسة العراقية ومع الشبيبة.

بعد أن أصبح الأسقف المحلي الذي دعانا إلى السليمانية، سيدنا لويس ساكو، بطريريكًا على الكنيسة الكلدانية، مازالت الجماعة الرهبانية تنتظر مع الأبرشية الأسقف الجديد ونحن نصلي من أجلهم ومن أجله. نأمل أن يرسل الله دعوات رهبانية سخية إلى هذه الجماعة الناشئة خاصة من مسيحيي ومسيحيات العراق لكي تتجذر الرهبانية في محيطها الشرقي المكون من زخرفة عدة قوميات وطوائف دينية إسلامية ومسيحية. إن دعوتنا في بناء جسور الحوار والتناغم والصداقة مع العالم الإسلامي لا ينفصل عن تعمقنا وانخراطنا في الكنيسة المحلية الشرقية التي أصبحت أصغر وأهشّ أكثر من أي وقت مضى.

ما أنجزناه هذه السنة

في دير مار إليان

بالنسبة للزراعة في دير مار اليان فإن المشمش هذه السنة أيضاً لم يبشرنا بشيء، أما الزيتون فكان الموسم متواضعاً جداً خلافاً لكروم العنب التي أعطتنا موسماً جيداً هذه السنة والحمد لله. تم إنجاز بعض الأعمال الأخرى مثل تسوير جزء من الأراضي بواسطة أعمدة حديد وأسلاك شائكة، حماية لها من السرقة ومن الاعتداءات، المنظر بشع للغاية ولكنه الحل الأرخص في ظل الغلاء الفاحش واستغلال التجار لوضع الحرب. نتمنى الحصول على تمويل لبناء سور من حجر أو ما شابه بشكل يتناسب مع البيئة ويحافظ على جمالية محيط الدير. مازلنا نتابع بناء صالة كبيرة للنشاطات الرعوية المختلفة ستمكننا من استقبال المزيد من اللاجئين. العمل بطيء بسبب غلاء الأسعار وارتفاع الأجور وانعدام الأمن في بعض الأحيان. إلا أننا انتهينا من بناء قبو يمكن استخدامه كملجأ في حال الضرورة مبني من جدران سميكة من الحجارة والإسمنت المسلح يقي من شر القذائف، إلى جانبه خزان كبير للمياه.يشكل موضوع المياه (سواء للشرب والمطبخ أم مياه الصرف الصحي) صعوبة كبيرة بالنسبة للدير. يسأل الكثيرون الراهب جاك: «لماذا تتابع البناء يا أبونا، ولمن طالما أن المسيحيين يهاجرون وبقاؤهم غير مرغوب فيه من قبل الكثيرين في هذه البلاد الإسلامية؟». أما هو فيقول: «نحن نؤمن بالعناية الإلهية التي حافظت علينا طوال هذه القرون في أرضنا. إننا نبني خدمة للفقراء، ونعلم الأطفال المسحيين والمسلمين، تمامًا حتى لا يموت الرجاء، نريد أن نبقى علامة رجاء للبقية الباقية من أبناء رعيتنا ولغيرهم. إننا فخورون باستقبال المسلمين في بيت الله، فهذا حقهم وواجب علينا».

إن مساعي الراهب جاك مع السيد مفتي القريتين وبعض الوجهاء من المسلمين ساهمت في تجنيب المدينة أهوال الحرب بسبب الجهود التي بذلوها بين طرفي النزاع والتوصل إلى تسوية ضمنت السلام في البلدة ومهدت لأجل مصالحة أكثر عمقًا. إن هذه المبادرة المشتركة بالإضافة إلى العمل الإغاثي الذي يقوم به دير مار إليان قد ساهما في توطيد علاقة الصداقة والاحترام المتبادل بين مسلمي ومسيحيي البلدة. ومن نتائج هذه العلاقة الوطيدة قام الدير بمساعدة بعض الأصدقاء من دمشق بتنظيم مخيم لأطفال القريتين من مسلمين ومسيحيين خلال يومين من أيام عيد الأضحى المبارك كان الأطفال فيهما يأتون إلى الدير صباحًا لممارسة نشاطات متنوعة وللعب والأكل معًا ومن ثم العودة إلى بيوتهم مساء. نتمنى لكل أطفال سوريا ولأطفال العالم أينما كانوا أن يتمكنوا من اللعب سويًا بدلاً من اقتتال الكبار. تحاول الجماعة الرهبانية دائمًا أن تزور جاك فيذهب أحدنا لقضاء أسبوعًا أو أكثر ثم يعود ويذهب غيره عندما تكون الظروف مؤاتية.

في دير مار موسى

لقد قمنا ببعض التصليحات في مبنى الدير مستغلين فترة غياب الضيوف لتجهيز المكان بطريقة أكثر مناسبة لاستقبالهم في المستقبل كما نرجو. فقد بنينا صالة جديدة فوق قاعة المطالعة تقوم مقام الخيمة المصنوعة من شعر الماعز والتي كنا نستعملها كغرفة طعام في فصل الشتاء. قمنا بترميم المطبخ، فجددنا سقفه المتساقط وبعض أثاثه. تم تجديد سقف حمامات النساء ووضع جهاز طاقة شمسية لتسخين المياه. العمل الآخَر المهم هو إصلاح سقوف المكتبة وغرف الطابق السفلي في الدير بعد تسرب مياه الأمطار والثلوج إليها مما زاد الرطوبة وأدى لاهتراء أخشاب السقف وعرض الكتب لخطر التلف. جددنا بعض الشرفات والأدراج والسلالم التي كانت خطرة لمن يسير عليها. لقد قمنا بتنفيذ هذه الأعمال من المال الذي كنا نضعه جانبا للطوارئ والذي وصلنا من محسنين متفرقين وبعض الأصدقاء.

كيف نساعد الآخرين

يختلف وضع دير مار موسى عن دير مار إليان (راجع في الأعلى) فلا توجد عائلات مهجرة قريبة مباشرة منا ولكنها تتواجد في مدينة النبك حيث قمنا ومازلنا نتابع العمل في مشروع "بيوت النبك للعائلات المسيحية الفتية" والذي يستخدم الآن أيضًا لاستقبال ما يمكن من النازحين المسيحيين والمسلمين القادمين إلى المدينة أو من الذين تضرروا بسبب الحرب من أهالي النبك. كما أننا نساعد بعض العائلات من مسلمين ومسيحيين على تأمين شيء من حاجاتهم المعيشية الضرورية في أماكن متفرقة قدر الإمكان.إن الأولوية الأولى بالنسبة لنا في حالة الطوارئ هذه هو بناء ملجأ بمساحة 150 متر مربع في المشروع البيوت السابق الذكر حيث لا يوجد أي ملجأ مشابه في الحارة كلها. سوف يتضمن هذا الملجأ تواليتات ومطبخ مشترك ومساحة للنوم تقسم بشكل مبدئي بين الرجال والنساء بالإضافة إلى خزان ماء أرضي مجاور يضمن توفر الماء في حال انقطاعه. يسكن بيوت هذا المشروع عائلات أغلبيتها مسيحية وبعضها مسلمة أيضاً، الأمر الذي يجسد التعايش المشترك وحسن الجوار الذي ميّز هذه الأرض منذ القدم، مما يشجع روابط الصداقة ويضمن أمن وسلامة المجمّع بشكل أكبر.لقد تم إنهاء ثلاث بنايات من أصل أربع،بالإضافة إلى ثلاث شقق استوديو يبقى لنا أن نبدأ البناية الرابعة التي سوف تقوم فوق الملجأ المذكور أعلاه.إننا نشكر كل الأصدقاء والمحسنين الذين ساعدونا ويساعدونا في تنفيذ هذا العمل، خاصة عدد من المؤسسات الكاثوليكية الأوروبية وعدد من المحسنين الكرماء منفردين. إن إتمام البناية الرابعة يعتمد على إحساناتكم ولو كانت قليلة ومتواضعة. نرجو منكم ألا تخجلو من التبرع بمبلغ بسيط حتى ولو كان سعر مَسكة في باب أو حجر في مدماك. بتضافر جهودكم وعطاءاتكم تكتمل خدمتنا.

على مستوى أوسع من الحارة حيث المشروع، فإننا نقدم بعض المساعدات المادية عن طريق شخصي مباشر لعائلات معروفة (إيجار بيت أو قسط مدرسة) أو عن طريق مساعدات عينية بمساعدة الهلال الأحمر في مدينة النبك وعدة مؤسسات خيرية أخرى حسب الحاجة التي تُطلب منا (ثياب شتوية،خاصة للأطفال، حليب للرضع، مواد غذائية ... إلخ). نود الاستمرار في هذا العمل وتطويره في السنة القادمة.

ماذا عن السنة القادمة

بالنسبة لحياة الجماعة الرهبانية فإننا ماضون بنور الله في مسيرتنا، فالتأسيس في العراق يتقدم والطلاب الدارسون في روما يجتازون المرحلة تلو الأخرى بنجاح مرضٍ والشكر لله وللمحسنين الذين يمكنوننا من الاستفادة من هذه الفرصة الذهبية أي الدراسة في أفضل الجامعات الكاثوليكية. الجديد الذي نرغب بإعلامكم به، وهو مازال فكرة أو بالكاد بدأ يتحقق، هو أننا ميزنا من المناسب أن يتحول بيت الدراسة في كوري بجانب روما إلى "دير" دائم وذلك لسببين:

السبب الأول قديم وهو أننا نود المحافظة على وجودنا قرب روما وقد نسجنا أعمق علاقات الصداقة والأخوة مع رعية كوري التي استقبلتنا بحب كبير وكرم لا محدود. لقد كان لنا الكاهن أوتافيانو الأب والمرشد والصديق وقد منحناه "الإسكيم" الرهباني في جماعتنا شرفًا منذ زمن بعيد. لقد تقاعد هذا الكاهن الجليل المتواضع من خدمته الرعوية عن عمر أربع وثمانين سنة بعد واحد وستين عامًا من الكهنوت قضى منها أربعة وخمسين في نفس الرعية وقد عاد ليسكن مع بيت أخيه الذين يستقبلونه بحب منقطع النظير. رغم ذلك مازال ذلك الكاهن النشيط يخدم ويساعد في رعية مسقط رأسه والكثير من المؤمنين ما زالوا يبحثون عنه للإرشاد والمساعدة الروحية. له منا شكر القلوب. وقد تولى الأب أنجلو كاهن الرعية المجاورة مسؤولية رعيتنا أيضًا وهو ملتزم في استقبالنا ومساعدتنا.

إننا ممتنون أيضًا لأسقف لاتينا المطران جوزيبيه بتروكي الذي بارك وجودنا في أبرشيته ونتمنى له كل التوفيق في مسؤوليته الجديدة في الأبرشية التي انتقل إليها. نسأل الله أن يبارك خلفه المطران ماريانو كروشاتا الذي عينه البابا منذ وقت قريب لهذه المسؤولية. نطلب له شفاعة العذراء مريم ونأمل أن نتابع معه المسيرة التي بدأناها مع سلفه لخير الكنيسة وخلاص النفوس.

السبب الثاني لتحويل بيت الدراسة إلى دير هو عدم إمكانية استقبال مختبرين أو مبتدئين جدد من غير السوريين في دير مار موسى حاليًا وخاصة من أوربا. لقد ارتأينا أن يقوم بيت كوري بهذه الخدمة، إلى جانب دير السليمانية، عندما تدعو الحاجة لذا بدأنا نفكر كيف نحقق ذلك على أرض الواقع مع قلة عددنا، لكن اتكالنا على الله.

جمعيات العلمانيين المرتبطين بالجماعة

لا بد أيضًا من ذكر ازدهار جمعيات أصدقائنا: في إيطاليا "جمعية خليل الله"، في فرنسا "جمعية الخليل" وفي سويسرا "جمعية أصدقاء مار موسى" فإلى جانب إمكانية هذه الجمعيات تلقي المساعدات المالية لدعم الجماعة فقد حققت تقدمًا روحيًا وقطعت شوطًا بعيدًا في مجال العلاقات الإنسانية والنشاطات الفكرية والثقافية فيما يخص الحوار والتقارب الإسلامي المسيحي والانفتاح على الآخر المختلف بشكل عام. إننا نأمل أن تنتشر جماعات من هذا النوع أو من نوع مماثل (ليس بالضرورة جمعيات) يؤسسها أشخاص تهمهم دعوتنا في الانفتاح على الآخر وفي بناء جسور صداقة بين المسيحيين والمسلمين. لقد استوعبت الكنيسة اليوم أنها لا تستطيع أن تجاري المجتمع إن لم تفسح المجال الأكبر للعلمانيين (أي المسيحيين غير المكرسين وليس بمعنى الذين هم ضد الدين) وذلك بالخروج من محورية ”السلطة المقدسة“ المطلقة للكهنة والمكرسين أو على الأقل أن تلطفها وتخفف من حتميتها. هكذا فقط تصبح أكثر إقناعًا وأهلاً لثقة الجميع وإلا فإن التعب والبطء هما مصيرها أو، وهذا أسوء، قد تجمد بسبب تعلقها بمناهج متحجرة وتنغلق على نفسها في نظامٍ صدئٍ من العلاقات المتصلبة التي تقف على أطلال ماضٍ مجيد (خاصة في الغرب) ليس له اليوم أي فعالية. هذا يؤدي إلى إعاقة خلق المستقبل الذي نرنو إليه كلنا. السلطة خدمة.

بعض الأمور العملية

نود المحافظة على ما وصلنا إليه في الدير ومن أهم ما يجب ضمانه هي مياه البئر إذ أن إحدى البئرين اللتين كنا نستعملهما قد توقفت وهي البئر الموجودة فوق الدير في منطقة الحظيرة حيث كنا نربي الماعز قبل سرقتها، والبئر الثانية التي نعيش ونشرب ونسقي منها تقع تحت الدير في منطقة المشتل وتتعرض لأعطال في المضخة التي تسحب المياه من عمق ثلاثمائة وخمسين مترا وتضخها إلى ارتفاع 150 متراً. لقد تعطلت البئر مرتين هذه السنة فاضطررنا إلى سحب الأنابيب من عمق ثلاثمائة وخمسين متراً وتصليح المضخة وتبديل بعض الأنابيب. نود تدريجياً حسب ما تسمح ظروف البلد توسيع الكاراج لنستطيع وضع سيارتي الجماعة والجرار تجنبًا للسرقة فقد كثر اللصوص المستفيدون من قلة الأمان ووضع الحرب. مازالت هناك ستة سقوف قديمة لم يستخدم فيها الحديد تحتاج لترميم. إلى جانب ضرورة صيانة لدير "الحايك" الذي هُجر بعدما تعرض للسرقة وتكسير بعض الأبواب والنوافذ لذا نرغب بإغلاق الأبواب الرئيسية بالحجر المبني إلى حين تسمح الظروف بإعادة استعماله.

هناك أيضا مسألة الاستمرار بتقديم الدعم للعائلات النازحة أو المتضررة مباشرة بسبب الحرب في مدينة النبك. باعتبار أن الشتاء قد أتى فهناك حاجة ماسة لعدة أمور من ضمنها أغطية حرامات وجاكيتات خاصة للأولاد والنساء، حليب للأطفال وأدوية. لكن الحاجة الأكبر والتي تشكل عبئًا كبيرًا علينا في الدير وعلى عمالنا وعلى العائلات النازحة والمتضررة من الحرب هو غلاء أسعار المحروقات الأساسية التي تستخدم في التدفئة أي المازوت بالإضافة إلى عدم توفره أصلا بسبب الحرب وبسبب تهريبه إلى الدول المجاورة حيث يباع بأسعار أغلى. لذا فإنه بإمكاننا أن نساعد في هذا المجال.

شكرًا

نأتي إلى ختام هذه الرسالة، إننا في حيرة من أمرنا وفي ضيق بين جنة ونار. كلنا يعرف أن البلد في حالة حرب، ولا حاجة لنا لنخبركم أكثر عن معاناة الكثير من أبناء شعبنا، من أراد أن يعرف أكثر عليه بالتوجه إلى مصادر أخرى. لقد شاركناكم قدر المستطاع بما يمكننا قوله،وقد كان بودنا أن نخبركم المزيد لكن الحكمة تقتضي الاكتفاء بهذا القدر والأسباب معروفة. لذلك نعتذر ممن كان ينتظر أخبار أكثر أو من نوع آخر.يبقى أن نتمنى لكم الخير والصحة ونطلب صلواتكم كل على دينه ومن لا يدين بدين نطلب منه أن يتضامن معنا روحيًا بالطريقة التي يراها مناسبة فما نسميه شركة القديسين لا يقتصر على المتدينين أو على الأقل على مَن ظَهَر تديُّنُه. نحن بدورنا نؤكد لكم صداقتنا ومحبتنا، إننا نذكركم دائمًا في صلواتنا، حتى من لا نتذكر اسمه أو من لم يمر بالدير إلا قليلاً. لقد اختبرنا فعالية الصلاة في وقت الشدة هذا الذي نمر به في سوريا، ليس صلاتنا فحسب بل بشكل خاص صلاة وتضامن الكثيرين حول العالم. كثير منكم كتبوا لنا إيميلات أو اتصلوا هاتفيًا وهناك الكثير ممن يودون الاتصال أو المجيء لزيارتنا. لقد أحسسنا بالفعل بتضامنكم وبقربكم وبواقعية الدعم المعنوي الذي يشعرنا أننا محاطون باهتمام الخالق والخلق.

نود أن نشكر كل الذين قدموا لنا إلى جانب الدعم المعنوي المساعدات المادية والتبرعات المالية، فبدونكم تصبح حياتنا شبه مستحيلة خاصة فيما يتعلق بمستقبل ومعيشة عائلات موظفي الدير وعماله. إننا متكلون على الله الذي يهتم بنا بالدرجة الأولى من خلالكم. نعتذر من كل الذين تبرعوا ولم نشكرهم، خاصة أولائك الذين ساعدونا عبر مؤسسة "ماجس" التابعة للآباء اليسوعيين في روما والتي تقوم بحب وتواضع بخدمة تلقي التبرعات لصالحنا ولها منا كل الشكر. غالبا تأتي التبرعات إلى ماجس دون عنوان المتبرع وبالتالي يتعذر علينا تأكيد وصول المساعدة والشكر عليها. نلفت انتباهكم إلى أن استعمال الإنترنت في الدير شبه مستحيل وهو عمل أقرب إلى التوبة والتقشف منه إلى العمل المكتبي، كما أن البريد العادي مقطوع منذ بداية الأزمة. لذلك لم يعد سهلاً علينا التحقق من البنك بشكل دوري ولا الكتابة للمتبرعين لنشكرهم. أضف إلى ذلك أن عدم وجود المتطوعين الذين كانوا يساعدون بشكل أساسي في عمل المكتب ممن كانوا يتقنون اللغات الأجنبية جعل الموضوع بطيئًا وصعبًا على أفراد الجماعة المتواجدة في الدير خاصة مع تواجد قسم لا بأس منا خارج البلد إما للدراسة أو للتأسيس الجديد إننا ننتهز الفرصة هنا للتكفير عن تقصيرنا ونجدد شكرنا وامتناننا بعمق.

أيها الأحباء، يروى عن الفيلسوف الإغريقي ديوجينس أنه أخذ مصباحًا في وضح النهار وجعل يطوف ساحات المدينة وشوارعها وعندما سألوه: "ماذا تفعل؟" أجاب: "أبحث عن إنسان". نحن أيضًا قد أشعلنا مصابيحنا، مصابيح الرجاء الذي لا يموت، مصابيح لا تنطفئ ليل نهار. نبحث عن الإنسان، عن الإرادة الطيبة، عن العدالة والسلام، عن الحقيقة ... نبحث عن مخرج ونطلب من الله الفرج. قد أشعلنا مصابيحنا لانتظاره، هو الحق الآتي، ذاك الذي طال انتظاره وتاقت إليه نفوسنا، نفوس محبيه وعشاقه. ولكن عندما يأتي هل يجد إيمانًا على الأرض؟هل يجد إنسانًا؟ هل يجد إنسانية؟

ميلاد مجيد

مع محبتنا

جماعة خليل الله الرهبانية في دير مار موسى الحبشي - النبك

 

For your donations to Deir Mar Musa,
please use one of the following two banks and specify clearly the recipient (Deir Mar Musa) and the reason for the donation (for example Nebek homes, displaced or otherwise...) according to your intentions, without mentioning Syria (otherwise the transfer will be blocked).

First possibility : the account of our Association Khalil Allah in Italy :

Name of the account : Khalil Allah- L'amico di Dio

Banca Popolare dell'Emilia Romagna- V.le Europa , Roma
ABI: 05387
CAB: 03208
C/C: 1908336
CIN: M

IBAN: IT 58 M 05387 03208 000001908336

BIC : BPMOIT22 XX

Motive : donation for Deir Mar Musa


 

Second possibility : through Magis www.magisitalia.it

Post-account 909010

IBAN: IT16 A076 0103 2000 0000 0909 010 

Account name: MAGIS Movimento e Azione Gesuiti Italiani per lo Sviluppo

via degli Astalli, 16 - 00186 ROMA


 

Current bank accounts

1. CIN: Y - ABI: 03069 - CAB: 3200 - C/C: 100000509259

IBAN: IT07 Y030 6903 2001 0000 0509 259

BIC: BCITITMM

Account Name MAGIS Movimento e Azione Gesuiti Italiani per lo Sviluppo

presso INTESA-SANPAOLO SPA

Via della Stamperia, 64 - ROMA (RM)

Donating to Maryam Al Adhrah Monastery in Sulaymaniah

You can use the two options above, specifying "Deir Mar Musa - Sulaymaniah" or directly to the account of the Community in Iraqi Kurdistan:

Name of the bank: BBAC Sal. Erbil Branch, Iraq

SWIFT: BBACIQBA

Account name: Father Jens Petzold

Account number: 0368 516171 203 EUR

CORRESPONDENT: COMMERZ BANK

SWIFT: (COBADEFF)

 

(Banks in Iraq do not have an IBAN)

 

Arabic

Subjects:

Themes: